اخترنا لكمتقارير خاصة

المسؤولون في بلدي ليسوا الاكفأ إداريا ولا فنياً

دمشق..

المسؤولية في أي بلد هي مهمة توكل إلى شخص ليؤديها بناء على إمكانيات خاصة قد لا يمتلكها غيره لتؤهله للقيام بواجباته وتساعده على تحقيق الأهداف الملقاة على عاتق هذه المهمة بما يعود على العامة بالنفع.

أما في بلدنا للأسف فالمسؤولية على ما يبدو تختلف عن هذا التعريف، والتي أضحت ميزة للمسؤول وضعته في مستوى مختلف عن باقي العامة. ليس هذا فحسب بل إن كثير ممن يكلفون بالمسؤولية لا يتمتعون بمميزات إضافية لا توجد بين زملائهم.

فالمدير العام في كثير من مؤسساتنا ليس الأكفأ (ولو قالت وزارة التنمية الإدارية غير ذلك) وكذلك الوزير والمحافظ. إذ أن الكثير من المحافظين ليسوا الاكفأ إداريا ولا فنياً لإدارة المحافظة وإن كان تاريخ كثير منهم الوظيفي غير مبني على تقييم حقيقي وحيادي.

لا شك بأن المحسوبية في سوريا ظاهرة يصعب تجاهلها أو نكرانها، ولا يختلف اثنان على أن أغلب المسؤولين يعتبرون مهمتهم نجاحاً لنفوذهم وظفراً لعلاقاتهم وليس نتيجة لنجاحاتهم. واكثرهم يدركون أن شرعيتهم وبقاءهم لا يتعلق بعملهم وجهدهم ومردوهم. ويدرك الكثير من الناس أنهم لا يستطيعون مساءلتهم في كثير من الاحيان.

حقيقة أن المسؤول بالدرجة الاولى مواطن، يتجاهلها أغلب المسؤولين الذين يعتقدون أن مهامهم ومسؤولياتهم تعفيهم من هذه السمة التي لولاها لما وصلوا إلى مواقع مسؤوليتهم. فهم يخطئون وأغلب المواطنين باتوا قادرين على تقييم اداء المسؤولين بسهولة ويسر، ولا ضير في ذلك. لن نتكلم عن دور الإعلام فالإعلام في الشرق شريك بما يتعرض له المواطن من إهمال وتجاهل، ولكن نقول أن المسؤولين يحتاجون إلى دورات تأهيل للتعامل مع المواطنين وهذا ليس بالمعيب. إن كانوا لا يمتلكون المعرفة ولا الدراية في كيفية التعامل فالأولى أن يؤهلوا للتعامل بما يحقق الاحترام الذي يفرضه القانون، باعتبار المواطن هو اللبنة الأساسية وجوهر كل عمل المؤسسات الاقتصادية والتشريعية والقضائية والتنفيذية والتربوية والثقافية.

ليس معيباً أو مخجلاً أن يعترف الإنسان بخطئة حتى ولو كان مسولاً سورياً (باعتبار المسؤول السوري يظن نفسه أكبر من ذلك). من يعتقد من مسؤولينا أن الاعتذار عن الخطأ هو جبن فليدرك أنه مخطيء، إذ أن الاعتذار ثقافة لا يمتلكها إلا الشجعان والحقيقة أن أغلب مسؤولينا لا يمتلكوها.

فالاعتذار ليس ضعفاً أو فشلاً كما يعتقد أغلب مسؤولينا حتى يخجلوا منه، وليعوا أن الاعتذار هو اعتراف بالخطأ ورجوع عنه، وهذا يعني أن ثمة قوة كامنة لدى المسؤول أو صاحب القرار دفعته لإعادة التفكير بطريقة أكثر نضجاً أو برؤية أكثر أفقاً، وأن من يمتلك هذه المقدرة والقوة الكامنة هو من يمتلك الثقة بنفسه والشجاعة والمقدرة بأن الخطأ لن يتكرر وهذا بحد ذاته إنجاز نحن في أمس الحاجة إليه.

 قلناها أكثر من مرة، وسنعيدها بأن من الجميل أن نرى المسؤول قريب من الناس ويتفهم ردود أفعالهم وانفعالاتهم ويحس بمآسيهم ويوجعه مشاكلهم، والأجمل أن يخاطبهم بصدق وحب ويستمع إليهم برحابة صدر. وإن عمل ولم ينجح فليشاركهم وليصارحهم وإن أخطأ أو قصر فليعتذر منهم إن كان شجاعاً.

إن كان الأداء العام كما نراه ويعرفه أغلب الناس، ولا نرى مسؤولاً واحداً يجرأ أن يقول بأن الوزارة او المؤسسة أو الجهة الحكومية أخطأت في أمر ما أو في تبني خطة ما أو تنفيذ مشروع ما أو حتى في تقدير استراتيجية ما، فماذا يمكننا أن نقول إن وأي أمل ننتظره من مسؤولينا.

إن كانت الرسالة أنهم يعملون والنجاح حليفهم في كل ما يفعلونه فهذه كارثة، وإن كانوا يدركون بأن ما يفعلونه لا قيمة له وكله مشاكل ولكن لا يجب أن نصارح به احداً فهذا أمر يدركه الكثيرون، ولن يساهم أبداً في حل أي مشكلة من مشاكلنا ولو كانت في غاية البساطة.

ستبقى الثقة والعلاقة بين المسؤول والمواطن على المحك إن لم يُفرض على المسؤول أن يحترم المواطن، ويدرك المسؤول أن أي إساءة أو استهتار مقصود بحق المواطن سيكلفه منصبه فلن نخطو خطوة إلى الامام في جسر الهوة بين المواطن والمسؤول.

 

A2Zsyria

Visited 26 times, 1 visit(s) today