حكي الناسعبي بالخرج

المواطن السوري: متلقي الصدمات، أما آن له أن يتنفس الصعداء

خاص ريف بانياس:

لا تحتاج العلاقة بين المواطن والحكومة إلى  ضغوط إضافية تزيد الشرخ الكبير بينهما نتيجة ارتدادات الأزمة الاقتصادية وسوء الخدمات نتيجة الحرب والحصار والكورونا، ليأتي قيصر وأزمة الوقود والحرائق الأخيرة لتزيد من معاناة المواطنين وتشتت أحلامهم وتقضى على أية آمال بإمكانية تحسن اقتصادي على المدى المنظور.

لم يمض على الحكومة السورية الجديدة أكثر من شهر، وما شهدناه إلى الآن لا يدعو للتفاؤل، صحيح أن الإمكانيات متواضعة ولكن سوء الإدارة العامة أو بالأحرى غياب المسؤولية والشفافية لا يزال هو السائد. لم نشهد إلى الآن أي نفس جديد بطريقة تعاطي راقية أو مسؤولة بين المسؤول والمواطن. وأزمة الوقود الأخيرة والحرائق شاهد جديد على أن المسؤولين لا يزالون يعيشون في بروجهم العاجية، ولا يستمعون حتى لنصائح قد تفيدهم.

الحرائق التي ألقت بثقلها على هموم المواطنين في الأيام السابقة، أكدت أن هناك ثقافة غريبة في الإدارة، وأثبتت مرة أخرى أن الحكومة مقصرة، أو على الأقل لم تتعلم من اخطائها. المطلوب هنا ليس أن يبقى المسؤول عدة سنوات ليتعلم من أخطائه ولكن يجب على المؤسسات  المعنية بإدارة الحكومة وتحديداً في الفريق الحكومي الخدمي أن يعوا ماذا ينتظر الناس ويعرفوا في كل فصل أن ثمة استحقاقات وتجهيزات يجب على الوزارات المعنية التأكد منها. في كل عام مثلاً يمكن ان تتسبب موجات الحر والريح الشرقية بفقدان السيطرة على الحرائق وهذا يتطلب اليقظة والجاهزية والتوعية. وهذه مسؤولية وزارات الزراعة والثروة الحراجية والخدمات الفنية والداخلية والإعلام وغيرها من المؤسسات المعنية. لا أعلم لماذا لم تتعلم الحكومة من الحرائق التي ضربت سوريا منذ بضعة أسابيع والتي تكبدت فيها الثروة الحراجية خسائر كبيرة. نعم الإمكانيات متواضعة ولكن هذا الأمر (الحرائق) ليس وليد اليوم ولن تكون الحرائق التي اخمدت البارحة هي نهاية الحرائق السورية. أفواج الإطفاء بحاجة إلى دعم  بأي طريقة، الطيران قد يكون ذو تكلفة عالية قد تعجز الحكومة عن تامين مستلزماته بالقطع الأجنبي ولكن يمكن زيادة عدد شاحنات الإطفاء ولو اضطرت الحكومة لشراء سيارات إطفاء مستعملة رخيصة الثمن ودعمت كافة أفواج الإطفاء بصهاريج مياه قادرة على الانتقال إلى الأماكن الحراجية بسرعة مناسبة. بالتأكيد مقدرة الصهاريج أكتر بكثير من مقدرة الناس على الإطفاء. لا نعلم أيضاً إن كانت الطرقات في الحراج قد شملتها الصيانة السنوية التي تمكن آليات فوج الإطفاء من الوصول إلى الغابات والحراج.

ما حدث في الأيام الماضي، يدمع العين ويحزن القلب، بدت سوريا فيه بلد منكوب ويحاج إلى مساعدة، المهم أن الأمور الآن تحت السيطرة، والأهم هو عدم تكرار نفس الأخطاء. نتمنى على الوزارات المعنية تحمل المسؤولية ومصارحة الناس. لا شك أن تعاون المواطنين مع أفواج الإطفاء قد أنقذ البلد من كارثة كان يمكن لتداعياتها أن تكون أكثر إيلاماً وأقسى مما رأيناه.

نأمل من المعنيين الاعتبار من الدروس المستفادة، والحيلولة دون تكرارها، إذ أننا نحن مقبلين على فصل الشتاء ونامل ألا نتفاجأ أيام المطر الغزير بأن شبكات التصريف في البلديات والمدن غير قادرة على التصريف لأنها افتقدت للصيانة السنوية.

للمسؤولين الذين يعتقدون أنهم بعيدين عن المسؤولية، هل رأيتم ردة فعل الناس العفوية على زياراتكم الاطلاعية للمناطق المنكوبة، يبدو أنكم قد فهمتم المسولية بشكل خاطئ ويجب أن تخضعوا لدورات محو أمية في المسؤولية والإدارة. يبدو أن الناس كانت تنتظر منكم أن يحمل كل منكم “سطلاً وكاسوحة” ليشارك الناس بإطفاء الحرائق ليقتنع الناس بزيارتكم وتعاطفكم، ولكن ردة فعل الناس العفوية والصادقة كانت رسالة خاصة مباشرة بأن ماقمتم به  ليس إلا للبروظة وللاستهلاك الإعلامي والبروظة، وأن زيارتكم غير مقبولة وغير مرحب لكم.  ألا يخجل الكثير من المسؤولين من أنفسهم أمام تضحيات المواطن، هل حقاً أن المسؤولين لا يذكرون الناس ولا يخرجون إليهم إلا لتذكيرهم بالصمود والطلب منهم الثبات والصمود. ألا يستحق هذا المواطن الثناء والتقدير ومساعدته على تحسين ظروف حياته المعيشية التي وصلت حدوداً لا تحتمل. لو كان في هذه الدنيا عدالة لوجب على المسؤولين أن يخجلوا من انفسهم أمام ما قدمة ويقدمه هؤلاء المواطنين يومياً.

الشكر كل الشكر لمن هب وقدم كل ما يستطيع للسيطرة على الحرائق، هذا الإنسان الذي لب النداء الإنساني والأخلاقي والوطني غير آبه بأي شيء وغير منتظر لأي شيء إلا أن يكون مرتاح الضمير. أفواج الإطفاء بإمكانياتها المتواضعة تستحق كل الشكر أيضاً. نتمنى ولو لمرة واحدة من الحكومة والفريق الخدمي أن يكون على مستوى التضحيات التي قدمها ويقدمها المواطنون كل يوم، وأن يكونوا عوناً حقيقياً للناس مدركين لهمومهم الحياتية وساعين مخلصين لتحسين ظروف معيشتهم التي أضحت حضيضاً لا يحسدهم عليها أحد على وجه البسيطة.

A2ZSYRIA

Visited 11 times, 1 visit(s) today