خطّ «كركوك – بانياس» مقطوع لهذا السبب
دمشق
لم تتلقَّ دمشق، إلى الآن، طلباً رسمياً من بغداد لبحث ملفّ خطّ «كركوك – بانياس»، إلّا أن مقترح إحياء هذا الخطّ يتوافق مع جملة من الاتفاقيات المُوقّعة بين البلدين. وبحسب مصادر سورية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن عملية الإحياء ممكنة جدّاً ما لم تكن هناك ضغوط أميركية أو سعودية على العراق، من أجل منع مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تزيد واردات العراق الشهرية من مبيعات النفط، والتي تبلغ حالياً 8 مليارات دولار، وفقاً للتصريحات الدورية الصادرة عن بغداد. وطبقاً للمصادر نفسها، فإن الخطّ الذي يمرّ في الداخل السوري وسط البادية، من خلال ثلاث محطّات هي «T2» و«T3» و«T4»، والذي لحقت به أضرار كبيرة نتيجة الحرب، من الممكن صيانته خلال فترة لا تتجاوز 45 يوماً إذا ما تمّ الاتفاق على إعادة تشغيله، وبقدرة تصل إلى 300 ألف برميل يومياً.
وكان خطّ «كركوك – بانياس»، الذي يبلغ طوله 800 كلم (أقلّ بنحو 170 كلم عن طول خطّ كركوك – جيهان)، أُنشئ في عام 1952 من قِبَل شركة بريطانية كانت تستثمر في حقول النفط العراقي آنذاك، وتعرّض للتوقّف أوّل مرّة إبّان الحرب العراقية – الإيرانية في عام 1980، وظلّ متوقفاً حتى عام 2000، وشكّلت إعادة تشغيله آنذاك سبباً لحراك أميركي لدفع سوريا إلى وقف تعاونها النفطي مع جارتها الشرقية بسبب العقوبات التي كانت مفروضة على نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين. لكن العمل بالخطّ لم يتوقّف حتى تعرّضه لأضرار نتيجة غارات أميركية في عام 2003، حيث أعيد تشغيله بعد عامين تقريباً، ليعود ويتعطّل مجدّداً منذ حوالي 10 سنوات بسبب الحرب في سوريا. وتربط مصادر «الأخبار» بين مشروع أنبوب النفط، الذي من شأنه أن يعود على دمشق بعائدات مالية ليست قليلة، ومشروع الربط السككي بين سوريا والعراق؛ إذ إن الجزء السوري سيصل مناجم الفوسفات الواقعة جنوب شرق تدمر بمعبر «البوكمال – القائم»، بخطّ سكك يوازي خطّ الأنبوب.
ويسود اعتقاد بأن المشروع الجديد قد يحظى بدعم إيراني – إماراتي، خصوصاً أن وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، كان قد عقد سلسلة لقاءات شكّلت مسألة تطبيع العلاقات مع سوريا محوراً لها، وعلى رأسها اللقاء الرباعي الذي جمعه مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، والملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. من جهتها، تسعى موسكو لتشغيل هذا الخط عبر شركات روسية، حتى تكسب نفوذاً إضافياً في ملفّ الطاقة وتدفّق النفط من الشرق الأوسط باتجاه الأسواق الأوروبية، علماً أن شركة «روزنفت» الروسية تمتلك 60% من أنبوب تصدير نفط إقليم كردستان العراقي نحو ميناء جيهان التركي. وفي حال استُبدل بخطّ «كركوك – جيهان»، خط «كركوك – بانياس»، تكون روسيا قد استحوذت على نسبة كبيرة من صادرات العراق، الذي يُعدّ ثاني أكبر مصدّر للنفط إلى القارّة العجوز، وهذا ما يتّفق أيضاً مع رغبة بغداد في الوصول إلى معدّل تصدير يبلغ 3.4 ملايين برميل يومياً.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن ما سيعرقل إعادة تشغيل الخطّ قد يَنتج من تلويح واشنطن بعصا العقوبات المفروضة على دمشق، لمنع بغداد من الانخراط في هذا المشروع، الذي يحظى بترحيب في أوساط القوى السياسية المعارضة لمشروع أنبوب «البصرة – العقبة»، لما قد يفتحه من أبواب على التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا الإطار، أبدى «ائتلاف دولة القانون»، يوم الجمعة الماضي، تحفّظه «على غياب الشفافية والمعلومات الكافية والضمانات المناسبة التي تحفظ حقوق العراق في مشروع أنبوب البصرة – العقبة»، مؤيّداً «تعدّد منافذ تصدير النفط»، بما فيها «مشروع نقله عبر ميناء طرطوس في سوريا، بعد استتباب الأمن هناك، والعمل على إصلاح الأنبوب الناقل عبر الأراضي السورية».