في فوضى التبرعات المدرسية
دمشق..
لا شك أن أحوال الناس تزداد فقرا وفاقة، وأن الحاجة لدى الكثيرين وصلت حدودا لم يسبق لها مثيل منذ عقود. وفي ظل تراجع الخدمات أضحت حياة الناس في سوريا أشبه بالجحيم. ومع تراجع العمليات العسكرية في السنتين الأخيرتين تراجعت القوة الشرائية بوتيرة سريعة لتجعل أغلب الأسر السورية تحت خط الفقر.
ومع افتتاح المدارس وكالعادة في كل عام يترتب على أرباب الأسر ومعيليها التزامات ماليه تعادل في متوسطها مصروف 4 أشهر إذا أخذنا بالحسبان المونة السنوية جنب إلى جنب مع متطلبات العودة إلى مقاعد الدراسة. لتتحول معها الفرحة بالعودة الى المدارس إلى مأساة لرب الأسرة الذي يعجز عن تأمين كفاف يومه في الأيام العادية فمابالنا بشهر افتتاح المدارس وتحضير المؤن.
وفي الأيام الأخيرة برزت ظاهرة جديدة وهي تبرعات التجار ورجال الأعمال الخيرية لشرائح من المحتاجين بقصد التخفيف من أعباء هذا الشهر. لا شك بأن هذا الأمر جيد ويمكن أن يساهم في تخفيف معاناة الكثيرين على مبدأ البحصة التي تسند الجرة. ولكن هناك ملاحظة على الفوضى التي تظهر من خلال هذه المبادرات وقد يكون سببها الأول والأخير هو عدم الانتباه أو قلة المعرفة والخبرة، وهذا ليس بالمعيب. طبعا نحن لن ننجر أمام ما يتم تريده بخصوص بطلان أو عدم جواز التبرعات. لأن واقع البلد الصعب يتطلب منا درجة من التفكير بموارد اضافيه تسهل حياتنا وإلا سنبدو كمن يجلد نفسه.
لاضير أبداً بمساهمة التجار وأصحاب روؤس الأموال بالدعم الخيري والعمل الأهلي، وهذا شيء متبع في جميع دول العالم بمافيها دول العالم الغني في أوربا وأمريكا. ولكن هذا العمل منظم ويخضع لضوابط ومتاح أمام الجميع وبطريقة شفافة. فيمكن أن نرى صالة ألعاب قد تم انشاؤها من الأموال التي قدمتها مؤسسة رجل أعمال ما، أو نرى صرحا فنيا في أحد ساحات بلدة ما قد تم تشييده بمبادرة من رجل أعمال.
ما نريد قوله هنا هو ضرورة أن تفتح الأبواب للمبادرات الفردية والتبرعات الخيرية ولكن بطريقة منظمة تحفظ الاعتبار للمؤسسة العامة ولصاحب التبرع. ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تظهر التبرعات والأعمال الخيرية بهذه الطريقة التي يعتريها الفوضى التي يمكن تنظيمها وتقديمها بطريقة أكثر تقبلا من قبل كل الأطراف المعنية (المتبرع والمؤسسة والمواطن).
لا بد أن هناك طريقة بسيطة تقدر مساهمة المتبرع و تحفظ مكانة المؤسسة وتحترم صاحب الحاجة. للإعلام دور في تأمين هذا التوازن بطريقة متوازنة تأخذ في طياتها أن جميع الأطراف بحاجة أن يعملوا معا، وأن أي منفعة هي للجميع وأية إساءة ولو كانت غير مقصودة تضر بالجميع.
نتمنى أن يأتي يوم ونرى أن ثقافة العمل الخيري والتبرعي هي ثقافة جامعة وموحدة لأبناء البلد وخصوصا في ظل ظروف معيشية بات فيها الكل فيها يصرخ من الصمت الذي يكاد أن يقتله. حفظ الله سوريا وأهلها الطيبين من جميع الأطياف و نسأل الله للبلد الفرج القريب وللناس الأمل بحياة تليق بهم.
A2Zsyria