لذلك لم يعد غريباً نفور الناس من الانتخابات !!
دمشق..
“خدمة المواطن هي هدفنا وغايتنا” , عبارة أتقنها جميع المرشحين والفائزين في انتخابات المجالس المحلية ..عبارة تؤكد أن في مثل هذه الاستحقاقات يصبح الصدق شيئاً ثميناً .. تؤكد أن الكذب الذي يكثر في فترة الخطوبة وبعد الصيد وفي الحرب يصل إلى الذروة خلال الانتخابات .
بالرغم من غياب الناخبين الانتخابات “نجحت” , هذا ما يُصر عليه بعض المنفصلين عن الواقع ممن فاتتهم حقيقة أن رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الاقتراع فحسب وإنما في وعي الناس .. نعم , الانتخابات انتهت والنتائج صدرت والتهاني بدأت فيما ما يزال الكثير من الناخبين يتساءلون مَن هؤلاء ؟ .
هؤلاء المرشحون والفائزون الذين زعموا و يزعمون أن المواطن هو الهدف والغاية لم يحددوا لنا طبيعة هذا الهدف وكيفية الوصول إلى الغاية .. لا نعلم هل هو هدف معادي أم صديق ؟ , لكن بالتأكيد نعلم أن الغاية واضحة وموجودة بين أوراق التعهدات والمناقصات و رخص البناء والموافقات غير القانونية والمخالفات ووو, هذا فضلاً عن ابتزاز أصحاب المعاملات القانونية بأساليب معيبة وفاضحة .
المرشحون توزعوا على قائمتين إحداهما لأحزاب الجبهة والأخرى للمستقلين .. في الأولى فاز البعض من خلال اختراع “الاستئناس الحزبي” وفي الثانية من خلال تقاليد “الاستئناس المالي” , وهنا يتساءل الكثيرون هل هناك فعليا فرق بين الفائزين من هاتين القائمتين؟ .. هل أثبتت تجارب الدورات السابقة أن مرشح الجبهة أكثر أخلاقاً وأمانة وغيرة على الصالح العام من المرشح المستقل؟ .. هل يستطيع أحدكم التمييز بالاعتماد على أدبيات العمل بين أبطال هاتين القائمتين؟ .. هل سمعتم يوماً أن الفائزين من مرشحي الجبهة داسوا على الإغراءات المالية وأعاقوا قراراً ضمن المجالس المحلية فيه خطر على الصالح العام .
بالطبع تتقاطع الآراء أن غاية المرشح الذي يصرف مبالغ كبيرة على حملته الانتخابية أو ينشط ليل نهار للفوز ليست مصلحة الموطن أو الصالح العام , لكن بالمقابل لا نستطيع إنكار جود بعض الأشخاص المرشحين أو الفائزين ممن مازال لديهم ضمير وأخلاق .. وللأسف هؤلاء أمام ثلاث خيارات إما الانخراط في اللعبة بجميع ألوانها أو الوقوف جانبا والاكتفاء بصفة الصفر على اليسار أو الاستقالة غير المتاحة في أعرافنا .
بالمختصر المجالس المحلية والنيابية السابقة أفرغت الانتخابات من معناها وقدمتها بصور متكررة على أنها مجرد طقس شكلي في مشهد يتم عرضه مرة كل أربع سنوات. . مشهد “الكومبارس” الوحيد فيه هو الناخب .
بالمختصر أكثر, لم يعد غريباً عدم اهتمام الشارع بالانتخابات .. شارع بات على قناعته أن صوته لا يقرر شيئا وإنما من يقوم باحتساب الأصوات يقرر كل شيء .. شارع لديه رغبة قوية في التغيير ويريد أن يكون الصوت الانتخابي أقوى من صوت المدفع .. شارع يُبتلى دائما بمرشحين يتعامون عن حقيقة أنه إذا أردت أن يمنحك الناس أفضل ما لديهم عليك أن تمنحهم أفضل ما لديك .
الساعة25: نضال فضة