ماذا لو لم يكن وزير التعليم العالي رئيساً للجامعة ؟
لا أعلم كيف ستكون نهفة ما يسمى رؤية وزارة التعليم العالي لعودة الدوام بداية الشهر القادم والتي هللت لها مؤسسات وزارة التعليم العالي. ولا نعلم حقيقة إن كان كل هؤلاء المطبلون يمكنهم أن يجلسوا ساعة واحدة خارج مكاتبهم المكيفة في أشد شهور الصيف قسوة (حزيران وتموز).
الكارثة الكبرى أن السيد وزير التعليم العالي كان رئيساً للجامعة ويعرف أكثر من غيره الإمكانيات المتواضعة للكثير من الكليات والأعداد الهائلة من الطلاب والقاعات غير المجهزة للتعليم الصيفي لعدم وجود تكييف فيها( نعم قد يكون هناك مراوح في بعض القاعات). ولا أعلم كيف يمكن لمعاليه تصور أن الأساتذة سيتمكنون من تغطية الرؤية الحكيمة لوزارته كما وصلتنا من خلال البيان الوزاري وتصريحاته من جولاته على الجامعات.
لا أشك للحظة بأن الإمكانيات السورية خارقة وخطاطة ومحرقة، والسوري قادر على قبول وتقبل وفعل ما قد يصعب على الكثيرين ولكن لماذا نجلد أنفسنا ؟ لا أعلم. إن كانت أكبر الجامعات وأغناها وأكثرها قدرة مادية لم تجرؤ على تطبيق ما ستقوم به وزراة التعليم العالي في بلد أنهكته الحرب والحصار والكورونا وفي جامعات أضحت إمكانياتها المادية متواضعة.
إن كانت الحكمة من هذا القرار إثبات أننا شعب عظيم ووزراة التعليم العالي وزارة لا يشق لها غبار فهذا لا يبرر عدم الأخذ بالحسبان الإمكانيات الحقيقية للجامعات وإمكانيات الأساتذة في تنفيذ رؤية وزارة التعليم العالي في أوقات أقل ما يمكن أن يقال عنها صعبة معيشياً ومناخياً. أعتقد أن كثير من المعنيين بشؤون الجامعات السورية يعلمون أن هناك تحدي حقيقي بدون كورونا لإمكانية تطبيق هكذا رؤية في جامعاتنا المكتظة بالطلاب.
للعلم الكثير من الجامعات الغربية ذات التصنيف العالي والتي يملك بعضها إمكانيات وموازنة تفوق موازنة سوريا بكاملها لم تطلب من الطلاب العودة إلى مقاعد الدراسة وحتى لإجراء الامتحانات بالنسبة للصفوف الجامعية الأولى. وحقيقة لا أعلم ما هي المشكلة إن تم نقل جميع الطلاب إدارياً إلى صفوف عليا وحصر الامتحانات فقط بالسنوات الأخيرة بما يتيح للجامعة والأساتذة تطبيق ما يسمى رؤية وزارة التعليم العالي بسلاسة ويسر ونجاح.
أعتقد أن تكتيكات الحكومة في الإصرار على دفن الرأس في الرمال لن تكون مفيدة لأغلب الأطراف المعنية، وفي مثالنا هنا لا أعتقد أن الطالب سيستفيد من ما يفكر به معالي الوزير ولن يكون الأستاذ مرتاحاً ولا الموظفين (هل تتخيلون ضغط العمل في هذين الشهرين مع وجود مئات الآلاف من الطلاب؟، فإن لم يكن كل هؤلاء مستفيدون لمن يتوقع الفريق الحكومي أن تكون الفائدة؟. سنذكركم بداية الشهر القادم بالمشهد الدرامي الذي سينتج عن تطبيق رؤية أقل ما يمكن أن توصف بأنها بعيدة عن الواقع.
إن ما خُط أعلاه لا علاقة له بشخصية الوزير الذي يتداول كثيرون من المعنيين بالتعليم العالي بأنه قريب للكادر التدريسي ومستمع جيد. ولكن ذلك لا يعفيه من كونه يعي أكثر من غيره واقع الجامعات وخصوصاً وانه كان رئيساً للجامعة قبل أن يتم تكليفه بحقيبة وزارة التعليم.