نجوا من الموت بالقدرة وهذه قصتهم
دمشق..
«امسكي بنتي دخيلك»، جملة نقلتها شقيقة إحدى ضحايا الزلزال في اللاذقية، لتكون آخر ما نطقته قبل موافاتها المنية تحت الأنقاض في حي الشاليهات بالرمل الجنوبي، وغيرها من الضحايا في دمسرخو وجبلة بالرميلة والعسالية وسطامو وقبو القرداحة والحفة، وغيرها من المناطق المنكوبة نتيجة الزلزال.
«الوطن» التقت عدداً من الناجين والمصابين من أبناء المناطق المذكورة ووثقت لحظات لن ينساها من يرويها والسوريون أجمع وربما العالم بأكمله لما تحمله من قساوة فقدان بين أبناء العائلة الواحدة وأمام مرأى بعضهم البعض، ومنهم من ينتظر لحظة إعلان انتشال أحد من أقربائه حياً وآخرون يأملون أن يخرجوا ولو مصابين ولكن أحياء.
والمفارقة أن يتم إنقاذ سيدة وولدها من تحت الأنقاض وما إن تطمئن عليه بأنه خرج حياً وبصحة جيدة حتى فارق الحياة بعد ساعات قليلة من إخراجها، في حين نجت الطفلة فاطمة العيس من كارثة تهدم منزل ذويها في الرمل الجنوبي بعد أن أنقذتها خالتها وفقدت والدتها وبقية أفراد عائلتها بالكامل.
وتقول فاطمة لـ«الوطن» إن جدتها أيقظتها حين وقوع الزلزال فجراً في محاولة الخروج من المنزل وجميع العائلة المتبقية من الجد والخال وزوجته، إلا أن جميعهم توفوا باستثنائها وخالتها التي أنقذتها وهي تسمع صوت أمها تقول «دخيلك بنتي طالعيها».
وتقول الخالة لـ«الوطن»، إنها تمكنت بعد إخراجها من تحت الأنقاض بمساعدة الأهالي في الحي من سحب ابنة شقيقتها بعد تهدم المنزل بعيد وقوع الزلزال بدقائق، إلا أنهم لم يتمكنوا من إخراج بقية أفراد العائلة بسبب سقوط الجدران عليهم مباشرة ليفارقوا الحياة.
وذكرت بأن زوجة أخيها حملت ابنها الصغر ورمت بنفسها من الشرفة خوفاً وهلعاً من الزلزال، قائلة إن ما حدث لا يصدق ولن ننساه ما حيينا خسرنا عوائلنا وأحبتنا بلمحة قدر! كيف طلعت ما بعرف بقدرة اللـه فقط»، تقول سمر من متضرري الزلزال في حي العسالية بجبلة لـ«الوطن»، إنها نجت بقدرة من اللـه تعالى بعد أن سقط المبنى الذي تسكن فيه ووفاة جميع جيرانها باستثناء رجل وامرأة.
ويقول علي سلمان الناجي من دمار الزلزال في قبو القرداحة لـ«الوطن» إنه لحظة وقوع الزلزال
خرج من منزله في الطابق الثالث بقبو القرداحة إلى السطح ليهبط المبنى بلحظة واحدة ويسوى بالأرض إلا أنه نجا بأعجوبة وكسرت قدمه وتوفي جاره وزوجته بفعل الزلزال.
ومن سطامو ذكر أفراد عائلة نجت من الموت «بقدرة الخالق» كما قالوا، إنهم لحظة وقوعه توجهوا جميعاً إلى الباب الخارجي وهرعوا مسرعين باتجاه الدرج ثم لم يجدوا أنفسهم إلا بالمشفى ولديهم كسور في أنحاء متفرقة من أجسادنا.
ناجون من منطقة الحفة من انهدام بناء سكني بالكامل تحدثوا عن لحظات دامية عاشوها خلال تهدم البناء الذي يقطنون فيه وعدم معرفة مصير كل منهم عن الآخر، ليجدوا أنفسهم في المشفى بعد ساعات على «القضاء والقدر».
في مشهد مقابل، ينتظر العشرات من أبناء مدينة جبلة والرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية معرفة مصير أبنائهم المفقودين تحت الأنقاض، لينتظروا الجهود الكبيرة لفرق الجهات المعنية بالبحث عن ناجين وحتى جثامين لإنقاذ أو انتشال أيٍّ من أقاربهم الذين لا يزالون تحت ركام عدد من المباني ومنها بناء الريحاوي في جبلة وأبنية سكنية في الرمل الجنوبي ودمسرخو عسى أن يخرج أحدهم على قيد الحياة أسوة بالناجين وعددهم بالعشرات من المواقع المذكورة.