هذه وصفة السفير فورد الديمقراطية لسوريا
واشنطن
ما صدر عن السفير الأميركي السابق بدمشق روبرت فورد من يومين في مقال طويل – بأن بعض القوى المعارضة “الليبرالية “المتعاونة مع الاميركيين كانت تسعى للتحالف مع المتطرفين لإسقاط الحكومة السورية، وبعدها سيقوم الليبراليون (حسب فورد) بحرب أخرى مع الاسلاميين المتطرفين للاستيلاء على السلطة – مخجل ومقزز ومهين. يعني وكأن الأمر في غاية البساطة ” بينقضي بسحبة سيكارة أو تمشاية بآخر النهار”.
روبرت فورد الذي أراد أن في مقاله أن يرسل رسالة مفادها بأن التعاطي الاميركي مع فصول الرواية الاميركية للمسرحية السورية كان راقياً واحترافياً واقتصر على اسداء النصيحة والدعم الانساني، فاته أن القاصي والداني يعلم أن الولايات المتحدة تمتلك المقدرة على تجفيف منابع التمويل عن أي كيان على هذه الأرض، ولكنها عجزت عن ذلك في سوريا. إن كان كل ما قاله فورد دقيقاً فإن كل ما يردده الإعلام الغربي عن حرص الغرب على ديمقراطية السوريين ومصالحهم لا يعدو أكثر من هراء وهرطقة.
فكيف يمكن أن يكون تبني الديمقراطية واعتماد مصالح الناس والهدف هو الاستئثار بالسلطة بسيناريو أشبه بالتضحية ببنادق الشطرنج (“بنهاية المطاف بمجرد أن ترحل حكومة الأسد ، سيتعين على الليبراليين أن يحاربوا الإسلاميين وينازعوهم في السيطرة على الحكومة”).
المأساة السورية التي شارفت على الدخول في عقدها الثاني، كشفت الكثير مما كان مستوراً وفضحت ما كان يجري خلف الكواليس والغرف السوداء بحجة الحرص على مصالح السوريين. ما تم تسريبه عما كان يدور يفيد بأن الغائب الأول هو مصلحة سوريا و السوريين.
فالغرب الذي أعطى الضوء الأخضر لتركيا وغيرها باستباحة الأراضي السورية بحجج مختلفة، يبدو أنه أدرك متأخراً أنه أخطأ تكتيكياً واستراتيجياً. وما صدر عن وزيرة خارجية السويد بمناشدة تركيا الانسحاب من الأراضي السورية لم يكن عرضياً. صحيح أن أوروبا اليوم تبدو كالرجل المريض، ولكن ما قام به أردوغان إلى الآن في كل من سوريا وليبيا وشرق المتوسط وأذربيجان لن يمر مرور الكرام من قبل المريض الأوروبي.
ستكون السنون القادمة كفيلة بتوضيح الكثير مما يحاك سراً في هذه الأيام، وخصوصاً وأن الوضع في المنطقة والعالم يبدو أنه في مرحلة إعادة ترتيب وتوزيع للأدوار وتحول قد يطال القوى الإقليمية في المنطقة، إضافة إلى إعادة تموضع لنفوذ القوى الدولية ومراكز القوى العالمية.
ستكشف الأيام القادمة نفاق من تباكوا على السوريين واستغلوا مآسيهم، والمحزن بأن كل هذا التخريب تم بأياد سورية خالصة، والغائب الأكبر كان مصلحة السوريين. من يعتقد أن القوى الدولية والإقليمية تهتم لمصلحة السوريين فليعيد النظر وليفكر ملياً بما يدور حوله.
A2Zsyria