المزيد من آي تو زد سيرياتقارير خاصة

البحوث العلمية: الاستثمار الذهبي خارج حسابات الحكومة

خاص –
تُعتبر البحوث العلمية أساس نهضة الأمم وتطورها، فهي المحرك الرئيسي للاقتصاد المستدام والتكنولوجيا المتقدمة. وتعتمد الدول المتقدمة على الاستثمار المكثف في البحث العلمي لضمان التفوق الصناعي والتقني.

ففي الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، تُخصص ميزانيات ضخمة للبحوث، ويتم تشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص بهدف تحويل الأفكار العلمية إلى مشاريع اقتصادية وتقنية ناجحة.

في القصف الإسرائيلي على إيران، كان الهدف الأول لإسرائيل هو البحوث العلمية وكبار الباحثين، وبعد سقوط النظام السوري، كان الهدف الأول لإسرائيل أيضًا هو تدمير البنية العلمية. للأسف، هذه المؤسسة العلمية تم تسريح أفرادها وطردهم من أعمالهم من دون رواتب، بدلًا من التفكير في استثمارهم.

البحوث العلمية في سوريا اندثرت

كانت البحوث العلمية في سوريا تضم نخبة الشباب الصاعد، حيث كان القبول فيها يعتمد على الذكاء الفائق والمعرفة المتخصصة، ويتم انتقاء الطلاب وفق معايير صارمة لاختيار الأفضل. ومع ذلك، اليوم تتخلى سوريا عن هذه الكفاءات العلمية، التي تُقدَّر بعشرات الآلاف في مجالات نادرة مثل الكيمياء والفيزياء والطيران والمسيرات وغيرها.

إذا كانت الحكومة لا ترغب في الاستثمار في هذا المجال مستقبلاً، فلماذا قامت بتفكيك أهم ملف علمي في البلاد، وتفريق العاملين فيه؟ لماذا أُحيلوا إلى متسولين في الشوارع أو دُفعوا لممارسة مهن أخرى، أو أُجبروا على مغادرة البلاد؟ بعضهم بحاجة إلى “تسوية”، بينما يواجه آخرون مصاعب لا يمكن الخوض فيها.

اقرأ أيضا:تفاصيل عملية كوماندوس إسرائيلي استمرت 4 دقائق

لو قررت الحكومة اليوم طرح ملف البحوث العلمية للاستثمار، فكم مستثمر عالمي سيُقبل على هذه المناقصة؟ هل تدرك الحكومة ما يعنيه وجود عشرات الآلاف من نخبة العلماء مجتمعين في مؤسسة واحدة، يعملون كمبتكرين ومخترعين، ويواكبون أفضل التقنيات؟ هل تدرك الحكومة كيف ستتمكن من حل مشكلاتها المستقبلية دون بحوث علمية؟ إن هؤلاء العقول النيرة خضعوا لاختبارات صعبة واجتازوها بصعوبة، وأثبتوا قدرتهم على تطوير أدواتهم وتقديم حلول مبتكرة بلمسات سورية فريدة.

الاستثمار في العقول هو الأربح

جميع دول العالم تمتلك منظومات بحثية خاصة بها، وتجاربها العلمية التي تفتخر بها لحماية خصوصيتها وتعزيز قدراتها، لكن للأسف، لا يزال البحث العلمي في سوريا مهملًا، والخبراء مشردين ومشتتين. البعض منهم اتجه إلى زراعة الخس والفجل، والبعض الآخر إلى التدريس الخصوصي، بينما لجأ آخرون إلى بيع الخبز على الأرصفة لمواصلة الحياة بعد قطع رواتبهم وتدمير منشآتهم.

اقرأ أيضا:الحكومة مُصرة على تجاهل الخبرات السورية

وبما أن الاقتصاد السوري يتجه نحو الخصخصة، فمن المتوقع أن الشركات الصينية واليابانية وبعض الشركات العربية ستكون الأكثر اهتمامًا بالاستثمار في هذه العقول، وجمعها ضمن بيئة علمية ملائمة مع توفير رواتب تنافسية. لكن يبقى السؤال: هل تتجرأ الحكومة على طرح هذا الملف للاستثمار، أم ستمسح هذه الخبرات من ذاكرتها، متجاهلة أن البدائل المتاحة ليست بديلاً حقيقيًا عن البحث العلمي المتخصص؟

A2Zsyria

صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress?locale=ar_AR

Visited 20 times, 1 visit(s) today