درعا لا تعرف الهدوء وترفض تسليم بـ«ورثة الآباء»
درعا..
مَثّل توتّر الأجواء في درعا، ليلة الانتخابات الرئاسية في أيار الفائت، انعكاساً لما يجري في هذه المحافظة من تصعيد واغتيالات تستهدف شخصيات حكومية سورية، أو عناصر تسوية، أو عسكريين في القوى الأمنية والشرطية، منذ سنتين تقريباً. وحصدت الاغتيالات، التي يتركّز أغلبها في ريف درعا الغربي على مقربة من الحدود الأردنية، خلال شهر حزيران فقط، 12 قتيلاً من مدنيين وعسكريين.
وعلى الرغم من إنجاز الانتخابات في بعض مناطق المحافظة كمركز مدينة درعا وجزء من ريفها الآمن، إلا أن رفضاً تامّاً للانتخابات سُجّل في معظم الريف الداخل في اتفاق التسوية، ليتمّ نقل الصناديق المُخصَّصة لهذا الريف إلى مناطق أكثر أمناً. وفيما يبدو لافتاً الصمت الرسمي والإعلامي حيال التطوّرات في ريف درعا، يشير الانطباع العام إلى أن التهدئة لا تزال تصبّ في مصلحة جميع الأطراف في الوقت الراهن.
ومن هنا، تشهد المحافظة الجنوبية جهوداً روسية وسورية مشتركة، من أجل إعادة تحريك ملفّ المصالحات، وإقناع المسلّحين بتسليم أسلحتهم الفردية لإنهاء حالة الفلتان الأمني في أجزاء واسعة من المحافظة. وفي هذا السياق، عُقدت اجتماعات عدّة بين الجانب الروسي واللجنة المركزية في درعا التي تتولّى التفاوض مع الدولة السورية باسم تجمّعات عدّة تضمّ مسلّحي المنطقة الجنوبية، لكنها لم تثمر نتائج جدّية.
وأوضحت مصادر مطّلعة على سير المباحثات، لـ«الأخبار»، أن «المسلّحين يرفضون رفضاً قاطعاً تسليم أسلحتهم الفردية التي يستخدمونها للحماية الذاتية بحسب زعمهم»، وهم يصفونها بـ«ورثة الآباء». وفي المقابل، تُمدّد الحكومة السورية المهلة الزمنية الممنوحة للمسلحين للتجاوب، من دون أيّ إجراء عسكري حقيقي على الأرض. لكنها استقدمت، خلال الأيام الماضية، تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، ورفعت السواتر الترابية، مع الإبقاء على مدخل واحد من اتجاه حيّ سجنة في مدينة درعا، بهدف ضبط الحالة الأمنية والحدّ من عمليات الاغتيال والتفجيرات، و«ليس بهدف الحصار»، كما أكد رئيس لجنة المصالحة، حسين الرفاعي، في حديثه إلى «الأخبار»، معتبراً أن «التسوية غير العادلة التي أُبرمت صيف 2018، هي التي أتاحت للمسلّحين في درعا البلد الحفاظ على أسلحتهم»، مُحمّلاً الجانب الروسي مسؤولية ذلك، «باعتباره طرفاً راعياً للاتفاق». وأشار الرفاعي إلى أن «المماطلة أوصلتنا إلى طريق مسدود، وبقيت الأسلحة الفردية مع الفصائل، بالإضافة إلى بعض الرشّاشات والصواريخ المضادّة للدروع».
وفي آخر تطوّرات مسلسل الاغتيالات، قُتل القيادي السابق في فصيل «جيش اليرموك»، عارف الجهماني، وأُصيب نجله، إثر تعرّضه لكمين مسلّح أثناء تنقّله في الريف الشرقي لدرعا بين صيدا والغارية. والجهماني، مُتّهم من قِبَل المسلّحين بالعمل لصالح «حزب الله» اللبناني، وهو، بحسب ادّعاءاتهم، يجنّد أشخاصاً للعمل ضمن تشكيلات عسكرية تابعة للحزب في المنطقة الجنوبية.
وكان الجهماني قد تعرّض سابقاً لأربع محاولات اغتيال باءت جميعها بالفشل، وقُتل نتيجتها أحد أبرز مرافقيه المدعو أيّوب الشعابين. مع ذلك، لا تتوافر أيّ معطيات جادّة وحقيقية حول طبيعة عمل الجهماني في المنطقة، ولربّما أُريدَ من اغتياله وسوق هذه الاتهامات له، لفت النظر إلى نشاط مزعوم لـ«حزب الله» في الجنوب، تماشياً مع الرواية الإسرائيلية التي تُكرّر الحديث عن خطر وجود الحزب على الحدود مع الجولان المحتلّ.
الاخبار