عبد الفتاح العوض يكتب عن اقتصاد العطاء
كتب عبد الفتاح العوض مقالا في صحيفة الوطن بعنوان “عطر السوريين” وقال فيه:
في الاقتصاد ليس هناك ألغاز.. لكن اللغز الذي يمكن أن يحير أعظم الاقتصاديين في العالم هو سؤال بسيط من أربع كلمات.. كيف تعيش الأسرة السورية؟
لن أحاول الإجابة عن هذا السؤال فقد طرحه كثيرون وحاول أكثر منهم الإجابة عنه وكانت الاجتهادات كثيرة لكنها لم تكن كافية للإقناع.
ما أود أن أناقشه معكم هنا هو اقتصاد العطاء هذا الاقتصاد الذي يعتمد عليه كثير من الأسر السورية في الوقت الحالي.
اعتاد المجتمع السوري تقديم الزكاة في شهر رمضان المبارك لأسباب دينية… وتجارية، فالأجر في هذا الشهر يتضاعف.
لم أتمكن من الحصول على رقم تقريبي عن حجم أموال الزكاة بشكل عام ورغم أن التقديرات كانت قبل الحرب تتحدث عن مليار إلى مليار ونصف المليار دولار إلا أن آخرين قالوا إن الرقم أكبر من ذلك بكثير.
مشكلة الرقم في اقتصاد العطاء تتأتى من تشعب الأبواب التي يتم دفع الزكاة عنها.. هناك كميات جيدة من الذهب لدى السوريين تستخدم تقليداً حلياً للنساء وبذات الوقت وسيلة ادخار. وهناك أموال السوريين المودعة في البنوك السورية وهي رقم مازال كبيراً وتجد البنوك مشكلة في تقبل المزيد منها، وهناك أموال السوريين المودعة في الخارج، فمثلاً أموال السوريين في لبنان وحدها من المفترض أن تصل زكاتها إلى حدود المليار دولار، إضافة أن السوريين في بلاد الاغتراب يفضلون دفع زكاة أموالهم في بلدهم. والصعوبة الأخرى لتحديد الرقم تأتي من أن قسماً من هذه الأموال يتم من خلال الجمعيات الخيرية، على حين القسم الآخر وربما الأكبر يتم بشكل مباشر بين الأهالي فيما بينهم.
اقتصاد العطاء هذا وبغض النظر عن الرقم يعبر عن سورية الجميلة، إنه نقطة مشرقة في زمن معتم.
صحيح أنه يوجد وجه بائس لهذه المقاربة.. فكانت الأسر السورية تخجل من التقدم للجمعيات الخيرية وكان التعفف سمة للعائلات السورية ومن المحزن جداً أن تجد التزاحم على أبواب الجمعيات الخيرية للحصول على المساعدات والسلل الغذائية.. لكنه الزمن وما أبشعه من زمن!!
يبقى السؤال من يدفع هذه الأموال أو من كبار ممولي اقتصاد العطاء؟
هل أموال التجار أنفسهم هي التي حصلوا عليها من رفع الأسعار واستغلال الحرب؟
السؤال بصيغة أبشع.. هل هذه أموال اقتصاد العطاء أم أموال اقتصاد الجشع؟
الجواب القاطع ليس صحيحاً.. والصحيح هي أموال من هذا وذاك وإن كان اللـه يتقبل منهم أم لا فهذه مسألة ليست من عملنا ولا نعرف عنها شيئاً، ما نعرفه وما يهم الناس أن تبقى روح العطاء جزءاً من المجتمع السوري.. العطاء أحد المورثات الطبيعية عند السوريين.
أقوال:
– من الممكن أن تعطي من دون محبة، ولكن من المستحيل أن نحب من دون عطاء.
-إذا كان لديك الكثير، فاعط من أموالك، وإذا كان لديك قليل، فاعط من قلبك.
-العطر يبقى دائماً في اليد التي تعطي الورد.
– لا يعطينا اللـه ما نريد، ولكن ما ينفعنا.
—ربما أعطاك فمنعك..
وربما منعك فأعطاك.