اخترنا لكمسوشيال ميديامواضيع ساخنة

التغير المناخي يجلب كائنات بحرية فريدة إلى الساحل السوري

دمشق..
تعود “الفلوكة” كما يطلق أهل الساحل السوري على القوارب الخشبية، أدراجها إلى رمال الشاطئ بعد يوم صيدٍ اهتزت به شباك الصيادين واغترفت من قاع البحر ما استطاعت إليه سبيلاً، لكن اللافت اصطياد أنواع جديدة وبكثرة لم تعتد أسواق السمك عليها.

الشباك لا تتوقف عن التقاط كل ما هو غريب من أسماك لم يعتد هواة الصيد أو أصحاب الحرفة عليها في رحلاتهم بأعماق البحر. في حين سجلت المراكز البحثية المختصة بالعلوم البحرية تغيراً في بيئة هذه السواحل، ومعها فكت شيفرات رحلة أسماك جديدة نادرة وفريدة من نوعها قطعت مسافات طويلة.

وقد سجلت رابطة الصيادين اصطياد سمكة “الهامور” وهي السمكة التي عادت من جديد للشواطئ بعد تسجيل أول ظهور لها عام 2019، بالتوازي مع ظهور أسماك مثل “أم عين” التي تزن 112 كيلوغراماً. وقبل أشهر تمكن صيادون من إخراج سمكة عملاقة “المولا مولا” والتي وصل وزنها للطن، مع صيد سمكة “الببغاء” الصغيرة وغيرها.

ويعزو خبراء في الحياة البحرية هذا التطور الجديد إلى اختلاف درجات حرارة المتوسط المعتدلة وارتفاع الحرارة، ما غيّر وبشكل تدريجي طبيعة هذه المياه وحرارتها. وباتت المياه السورية تجلب وتستقطب مزيداً من أسماك البحر الأحمر، منها أسماك حققت أرباحاً طائلة للصيادين في أسواق السمك التي باتت تشهد على أنواع وأحجام ضخمة غير اعتيادية.

ويؤكد الباحث وأستاذ علوم الأحياء البحرية أمير إبراهيم تزايد حالات هجرة الأسماك إلى البحر المتوسط وخصوصاً الساحل الشرقي منه، والذي يضم السواحل السورية. وبحسب قوله، فإن هذه الهجرة ليست بجديدة بل ترافقت مع افتتاح قناة السويس عام 1869 حيث ترتبط مياه المتوسط ذات البيئة المعتدلة بالبحر الأحمر ذات الطابع الاستوائي.

ويرى أستاذ علوم الحياة البحرية أنه “حالياً يوجد طيف واسع من الأنواع الجديدة، وبرزت في العقود الأخيرة ظاهرة التغير المناخي التي شجعت على هذه الهجرة من خلال ارتفاع حرارة مياه البحر على السواحل السورية، وارتفاع الملوحة الناتج من التبخر النشط، وعدم تعويض المنطقة بمياه عذبة مقابلة لتلك التي فقدت بالتبخر”.

ويعتقد أن هذه المواصفات الجديدة لمياه البحر تتقارب مع مواصفات مياه البحر الأحمر، لدرجة أن المياه البحرية السورية أصبحت قادرة على احتضان الأنواع شبه الاستوائية الآتية من البحر الأحمر. ويضيف “في الواقع الهجرة التي تقوم بها الكائنات الحية البحرية إجراء تكيّفي تجاه التغيرات المناخية وما قابلها من تغيرات بمواصفات المياه، بالتالي كيلا تنقرض من المكان، أصبحت الأنواع غير المحتملة للمواصفات الجديدة التي طرأت عليها، مضطرة لأن تهاجر نحو الشمال الأبرد في النصف الشمالي من الكرة الأرضية أو نحو الجنوب الأبرد في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية”.

الأمر لا يقتصر على ظهور متكرر للأسماك النادرة والفريدة بأحجامها وأنواعها الغريبة، فالصياد آدم محمد (40 سنة) يتحدث عن فيض ووفرة الأسماك في شواطئ بانياس، حيث يعود بـ “الفلوكة” بكميات وفيرة من التونة، “بات ملحوظاً ظهور أسماك تونة في سوق السمك، أحياناً أصطاد واحدة يفوق وزنها الـ 50 كيلوغراماً”.

في المقابل، حذر مدير عام الهيئة العامة للثروة السمكية، عبد اللطيف علي، من عقوبات حازمة لمن يُقدم على اصطياد السمكة النادرة والعملاقة “المولا مولا” بحرمانه الصيد وحجز القارب. وعزا تجريم اصطياد هذا النوع غير القابل للاستخدام البشري، إلى كونه ضماناً للتوازن البيئي البحري، باعتبار أنها تتغذى على الرخويات وقناديل البحر، كما أن لحم هذا النوع من السمك العملاق سام وجلدها سميك وغير مجدية اقتصادياً.

“كثيرة تلك الأنواع السمكية الجديدة التي عثرنا عليها أثناء الجولات الميدانية لجمع العينات البحرية”، وفق قول الباحث إبراهيم الذي أشار إلى ظهور حيتان ودلافين وكائنات بحرية تفد إلى السواحل الشرقية للمتوسط، وكل هذا بالتوازي مع التغير المناخي. كذلك رصدت الجمعية السورية لحماية البيئة المائية وجود دلافين في المياه السورية. وأشارت في بيان لها إلى ضرورتها في مجال التنوع الحيوي للحياة البحرية”.

اندبندنت عربية

Visited 27 times, 1 visit(s) today